الرخصة الرابعة للهاتف النقال في العراق: الاستفادة من التجربة المصرية

في خطوة تهدف إلى تحسين قطاع الاتصالات في العراق، أقر مجلس الوزراء العراقي في جلسته الـ42 بتاريخ 17-10-2023 منح الرخصة الرابعة للهاتف النقال إلى شركة السلام العامة، إحدى شركات وزارة الاتصالات العراقية1. وصرحت وزيرة الاتصالات، د. هيام الياسري2، أن الهدف من هذه الخطوة هو زيادة التنافس في السوق لضمان خدمات أسرع وأسعار أفضل للمستهلك. ومن المتوقع أن تُدار هذه الرخصة بشكل مشترك بين القطاعين العام والخاص بعد استقبال العروض من شركات عالمية مثل فودافون،MTN الجنوب افريقية، وتيليفونكا الاسبانية.

سوق الاتصالات العراقي: الوضع الحالي

يشغل سوق الاتصالات العراقي حاليًا ثلاث شركات رئيسية: زين العراق، آسيا سيل، وكورك، التي تمتلك حصصًا من السوق المحلي تبلغ 46%، 45%، و9% على التوالي3. ومع دخول شركة جديدة إلى هذا السوق، يتأمل مسؤولو الاتصالات أن ترتفع مستويات التنافس بشكل ينعكس إيجابيًا على جودة الخدمات وأسعارها.

التجربة المصرية: نموذج يستحق الدراسة

في عام 2016، منحت مصر الرخصة الرابعة للجوال لشركة المصرية للاتصالات، وهي شركة حكومية. هذه التجربة المصرية تُعد نموذجًا يستحق الدراسة، نظرًا للتشابه الكبير بين البلدين في عدة جوانب، رغم وجود فروقات ديمغرافية واقتصادية واضحة. من دراسة الجدول التالي، نستنتج أن نتائج التجربة المصرية قد لا تكون متطابقة تمامًا في العراق. إلا أن دراسة التجربة المصرية يمكن أن توفر رؤى قيمة حول كيفية إدارة الرخصة الرابعة بنجاح.

المقياسالعراقمصرالملاحظات
عدد السكان (تقريبي) 46  مليون115  مليونعدد المستخدمين اكثر في مصر مما يشكل عاملا ايجابياً بسبب كبر حجم السوق و لكن تقديم الخدمات سيشكل عامل صعوبة.
المساحة (كم²)438,3171,002,450مساحة مصر تبلغ ضعف مساحة العراق تقريباً مما يشكل عامل صعوبة في بناء الشبكة في مصر.
المساحة لكل شخص (م²)9961.759547.14نسبة المساحة لكل شخص تعكس الكثافة السكانية، و هي متقاربة بين البلدين.
الناتج المحلي للفرد (GDP per capita) (دولار)5937.24,295.4 
متوسط الدخل الشهري (دولار)600200متوسط الدخل الشهري للمواطن العراقي اعلى مما يعني ان القابلية الشرائية قد تكون أكبر (لاحظ هنا ان عدد السكان يجعل السوق متقارب)
سنة ادخال الهاتف المحمول الى السوق20041996تأخر العراق بإدخال شبكات النقال الى ما بعد عام 2003.
سنة تقديم خدمة 4G20212017 
عدد مستخدمي الهواتف المحمولة (تقريبي) 38  مليون100  مليون 
نسبة مستخدمي الهواتف المحمولة من السكان82%86%نسبة تشبع السوق متقاربه، مما يعني ان رغبة المستثمرين قد تكون متشابهة بين البلدين.
مقارنة سوق الاتصالات العراقي و المصري

منح الرخصة الرابعة في مصر

قبل منح الرخصة الرابعة في مصر، كانت هناك ثلاث شركات تعمل في السوق: فودافون مصر، أورانج، واتصالات، وكانت حصص السوق لكل منها تتراوح بين 40-45%، 30-35%، و20-25% على التوالي. ومنح الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الرخصة الرابعة لشركة المصرية للاتصالات مقابل 800 مليون دولار.

في عام 2017، أطلقت الشركة المصرية للاتصالات الخدمة تحت اسم “وي”، وبدأت العمل في السوق المصري، حيث وصلت حصتها إلى 9-11% بحلول عام 42024 كما هو ملاحظ في المخطط. بدأت الشركة بتأجير الشبكات من أورانج واتصالات مصر قبل أن تقترض بعدها مبلغ 150 مليون دولار من البنك الأوروبي للاستثمار لتمويل بناء شبكتها الخاصة التي قد تدعم الجيل الخامس.

الحصة السوقية لشركات الاتصالات المصرية

استنتاجات من التجربة المصرية

الاستثمارات المسبقة: دخول الشركة المصرية للاتصالات إلى السوق جاء بعد استثمارات مسبقة في قطاع الاتصالات حيث تمتلك ما يقارب 45% من اسهم شركة فودافون مصر، و هذا يعني ان إدارة الشركة المصرية للاتصالات كانت على تماس مباشر مع سوق الاتصالات النقالة في البلد.

تأجير الشبكات: بدأت الشركة بتأجير الشبكات قبل الاستثمار في بناء شبكتها الخاصة. وهذه تعتبر خطة ذكية بعد دفع مبلغ كبير من اجل الحصول على الترخيص إضافة الى المصاريف الثابتة الأخرى.

تطوير مستوى الخدمة: شهدت مصر تحسنًا في مستوى الخدمات بعد إطلاق الرخصة الرابعة. لكن لابد من ملاحظة ان التحسن كان بالتزامن مع إطلاق الجيل الرابع، مما يبادر للذهن التساؤل فيما اذا كان التحسن كلياً بسبب الرخصة الرابعة ام جزئياً بسبب الجيل الرابع.

استغلال الشبكة الأرضية: استغلت الشركة المصرية شبكة الهاتف الأرضي للتسويق للخدمات الجديدة (بالرغم من محدودية المشتركين على الشبكة الأرضية).

ماذا يمكن أن يتعلم العراق من التجربة المصرية؟

بناءً على التجربة المصرية، يمكن للعراق تبني استراتيجيات مشابهة لضمان نجاح الرخصة الرابعة، مثل:

توفير استثمارات مبدئية: كانت لاستثمارات الشركة المصرية للاتصالات في السوق المحلي أهمية كبيرة في فهم إدارة وبناء البنية التحتية للاتصالات قبل منح الرخصة، استثمارات مشابهة قد تفيد الإدارات العراقية في شركة السلام العامة.

التعاون مع شركات عالمية: حيث ان المتوقع ان تدار الرخصة الرابعة بشكل مشترك (عام و خاص)، يمكن أن يكون التعاون مع شركات عالمية خطوة إيجابية نحو ملئ أي فراغ في الخبرات الإدارية لبناء و إدارة شبكة اتصالات نقالة.

تأجير الشبكات كخطوة أولية: يمكن أن تبدأ الشركة العراقية بتأجير الشبكات من الشركات الحالية قبل بناء شبكتها الخاصة لتقليل التكاليف الأولية.

التركيز على تطوير التكنولوجيا: يمكن أن يكون التركيز على تقنيات جديدة مثل الجيل الخامس دافعًا لتطوير قطاع الاتصالات بشكل كبير.

ختاماُ، يمكن للرخصة الرابعة في العراق أن تكون خطوة إيجابية نحو تحسين قطاع الاتصالات، بشرط أن تتبنى التجارب الناجحة من دول أخرى مثل مصر. التعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في التكنولوجيا، وتوفير خدمات أفضل للمستهلك يمكن أن يكون الطريق نحو تحقيق هذه الأهداف.

المراجع:

1. قرارات الجلسة الاعتيادية الثانية والأربعين المنعقدة في 2023/10/17

2. وزيرة الاتصالات: رخصة النقال الرابعة ستعمل بتقنية الجيل الخامس لأول مرة بالعراق

3. BMI Iraq Telecommunications Report Q4 (2023)

4. BMI Egypt Telecommunications Report Q4 (2023)