أعطى مجلس الوزراء العراقي لوزارة الاتصالات – شركة السلام العامة تحديداً – الضوء الأخضر للعمل على إنشاء شبكة المحمول الرابعة في العراق1، لتنافس الشركات الثلاثة العاملة حالياً في السوق: زين العراق، أسياسيل، وكورك. تأمل وزارة الاتصالات بزيادة التنافس في السوق، مما يعود بمنافع للمستخدمين من خلال جودة الخدمات وتخفيض الأسعار.
ولغرض دراسة مدى إمكانية تحقيق هذه الأهداف، نستعرض التجارب المختلفة لأسواق الاتصالات في العالم وعكس تلك التجارب على السوق العراقي. بعد بحثنا تجربة السوق المصري التي رأينا فيها تشابهاً مع التجربة العراقية، ندرس في هذا المقال التجربة الهولندية في إدخال منافس رابع للسوق المحلي.
تعتبر هولندا من أكثر الدول تطوراً في مجال الاتصالات. بدأ العمل في شبكات الهاتف المحمول في هولندا في تسعينات القرن الماضي مع شركة KPN. استمر العمل على زيادة كفاءة الشبكة وتغطية البلد إلى أن كان في عام 2012 ثلاث شركات تسيطر على سوق الاتصالات: KPN بنسبة 45% من السوق، فودافون بنسبة 25%، وتي-موبايل بنسبة 20% (مع نسبة صغيرة من السوق تمتلكها مجموعة من الشركات العاملة كمجهز خدمة افتراضي). وفي ذلك العام، اشترت شركة تيلي2 (Tele2) جزءاً من الطيف الترددي لتكون بذلك المنافس الرابع في السوق المحلي.
لابد من ذكر أن شركة تيلي2 (وهي شركة سويدية) كانت قد دخلت السوق الهولندي مسبقاً عام 2002 كمجهز خدمة افتراضي (ما يعرف ب MVNO) – أي أنها توفر الخدمات لكنها لا تمتلك شبكتها الخاصة، بل تستأجر الشبكة من الشركات الأخرى – وكانت تستأجر الشبكة من شركة تي-موبايل العاملة في السوق.
بعد شراء الترددات الجديدة عام 2012، استمرت تيلي2 بتأجير الشبكة من تي-موبايل وتقديم خدمات الجيل الثاني والثالث. كان الاستثمار الأكبر في بناء شبكتها الخاصة للجيل الرابع، وكانت تيلي2 أول شركة تفعل خدمات الجيل الرابع وذلك عام 2015، مما جعلها رسمياً المنافس الرابع في السوق المحلي الهولندي.
حاولت تيلي2 الحصول على نسبة من السوق بالدخول بقوة من خلال العروض المميزة والأسعار التنافسية، ولكن بعد ثلاثة أعوام كانت حصتها من السوق المحلي لا تتجاوز 5%. وفي عام 2018، أعلنت الشركة عن صفقة استحواذ لمصلحة شركة تي-موبايل التي كانت تملك وقتها ما يقارب 17% من السوق المحلية، مما يجعلها المنافس الثالث. وبهذا عادت هولندا إلى سوق المنافسين الثلاثة3.
مقارنة السوق الهولندي والعراقي
بدأنا المقال بتوضيح أن هولندا من الدول المتقدمة من حيث جودة خدمات الاتصالات، وهذا فارق أساسي مع قطاع الاتصالات العراقي. ولكن لغرض الاستفادة من التجربة الهولندية، لابد من معرفة الفوارق الديمغرافية بين البلدين كما هو موضح في الجدول.
المقياس | العراق | هولندا | الملاحظات |
عدد السكان (تقريبي) | 46 مليون | 17 مليون | عدد المستخدمين في العراق يصل إلى ثلاثة أضعاف عدد المستخدمين في هولندا، لكن معدل مستوى الدخل في هولندا أعلى |
المساحة (كم²) | 438,317 | 33,720 | المساحة الصغيرة لهولندا مقارنة بالعراق تسهل مهمة شركات الاتصالات عند بناء الشبكة |
المساحة لكل شخص (م²) | 9961.75 | 1870 | نسبة المساحة لكل شخص تعكس الكثافة السكانية، وهو ما يشكل عاملاً مهماً في تحديد نوعية البنى التحتية لتوفير الخدمات المناسبة |
الناتج المحلي للفرد (دولار) | 5937.2 | 53,108 | |
متوسط الدخل الشهري (دولار) | 600 | 2250 | متوسط الدخل الشهري أعلى بكثير في هولندا مقارنة بالعراق |
سنة إدخال الهاتف المحمول للسوق | 2004 | 1996 | تأخر العراق بإدخال شبكات النقال إلى ما بعد عام 2003. |
عدد مستخدمي الهواتف المحمولة (تقريبي) | 38 مليون | 22 مليون | |
نسبة مستخدمي الهواتف المحمولة من السكان | 82% | 126% | نسبة تشبع السوق في العراق تمثل عاملاً مغرياً للمستثمرين بدخول السوق العراقي |
الاستنتاجات
- عند دخول منافس جديد إلى السوق، من الأفضل الاستثمار في شبكة جيل جديد (بترددات جديدة) واستئجار ترددات الجيل الحالي.
- ليس من الضروري نجاح التجربة، ولكن من الممكن بيع البنى التحتية إذا كان الاستثمار في البداية استراتيجياً.
- سوق المتنافسين الأربعة ليس بالضرورة الحل الأمثل.
المراجع:
1. قرارات الجلسة الاعتيادية الثانية والأربعين المنعقدة في 2023/10/17
2. BMI Iraq Telecommunications Report Q4 (2023)
3. Netherlands – Telecoms Infrastructure, Operators, Regulations – Statistics and Analyses