ما هو مجهّز الخدمة الافتراضي؟
في العراق، توجد ثلاث شركات رئيسية تقدم خدمات الاتصالات الخلوية، وهي: زين العراق، آسياسيل، وكورك تيليكوم (رغم التحديات التي تواجه الأخيرة). تستحوذ زين وآسياسيل على الحصة الأكبر من السوق، بنسبة تقارب 47% و45% على التوالي1. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الاتصالات عن نيتها إطلاق “الرخصة الوطنية الرابعة” لتوفير خدمات الاتصالات.
هل يتطلب إطلاق الرخصة الرابعة بناء شبكة جديدة؟
من المعروف أن الشركات الثلاث الحالية تمتلك شبكاتها الخاصة، بما في ذلك الأبراج والبنية التحتية المنتشرة في أنحاء العراق. وبناءً عليه، قد يتبادر إلى الذهن أن أي مشغّل جديد سيحتاج إلى بناء شبكة مستقلة قبل تقديم الخدمة. لكن هذا الافتراض غير دقيق.
في العديد من الدول، يُعتمد نموذج مختلف يُعرف باسم “تأجير الشبكات”، حيث تقوم شركات جديدة بتقديم خدمات الاتصالات دون امتلاك بنية تحتية خاصة بها، بل تستأجرها من الشركات المالكة. يُطلق على هذه الشركات اسم مجهّز خدمة افتراضي (MVNO)، بينما تُعرف الشركات المالكة للبنية التحتية باسم مجهّز شبكة خلوية (MNO).
مثال من السوق الأمريكي
في الولايات المتحدة، توجد أربع شركات رئيسية تمتلك شبكات الأبراج فعليًا و هي (Verizon، AT&T، T-Mobile، وDish (التي استحوذت على Boost Mobile)). ورغم ذلك، يمكن للمستخدمين الاختيار من بين مئات الشركات التي تقدم خدمات الاتصالات عبر نموذج MVNO، مما يخلق تنوعًا في الأسعار والباقات2.
السيناريو المحتمل للرخصة الرابعة في العراق
من المرجّح أن تلجأ وزارة الاتصالات إلى نموذج MVNO، عبر عقد تأجير مع إحدى الشركات الثلاث الحالية، وربما زين العراق نظرًا لعلاقتها السابقة مع فودافون. هذا الخيار يتيح للوزارة إطلاق الخدمة ضمن الجداول الزمنية المعلنة دون الحاجة إلى بناء شبكة جديدة من الصفر.
ومع ذلك، إذا قررت الوزارة البدء مباشرة بخدمة الجيل الخامس (5G)، فقد تواجه تحديات إضافية، نظرًا لاختلاف البنية التحتية المطلوبة مقارنةً بالجيل الرابع، رغم إمكانية التشغيل المزدوج في بعض الحالات.
التحديات التنظيمية المحتملة
يبقى السؤال الأهم: هل يتطلب نموذج MVNO تدخلًا تنظيميًا من الهيئة العامة للاتصالات؟ الإجابة المرجّحة هي نعم. وأي متابع للعلاقة بين الوزارة والهيئة يدرك أن هذا قد يشكل تحديًا إضافيًا أمام الوزارة، خاصة في ظل التداخلات الإدارية والتشريعية بين الجهتين.
في ظل التحولات المتسارعة في قطاع الاتصالات، يبقى تبنّي نماذج جديدة مثل MVNO خطوة جريئة نحو تنويع الخدمات وتوسيع الخيارات أمام المستخدمين. العراق يمتلك الإمكانيات، والتحدي الحقيقي يكمن في الإرادة التنظيمية والابتكار في التنفيذ.
إن فهم هذه النماذج ليس مجرد معرفة تقنية، بل هو استعداد للمستقبل. فهل نحن مستعدون؟
المراجع
1. BMI Iraq Telecommunications Report Q1 (2024).
2. https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_mobile_network_operators_in_the_United_States
